“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”.. باسميلا زابانك: أطالب بمنح “نساء سربينتشا” جائزة نوبل للسلام
“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”..
باسميلا زابانك: أطالب بمنح “نساء سربينتشا” جائزة نوبل للسلام
– الأمهات في البوسنة ما زلن يبحثن عن أشلاء الأحبة لدفنها
– المجتمع الدولي لا يزال ينكرالمجزرة والأمم المتحدة تخدم الساسيين ولا تهتم بالناس
– ليس لأمهات سربينتشا من يقدم لهن الهدايا والزهور.. فقد مات الأبناء في المجزرة
في يوم المرأة العالمي، أجرت نجمة السينما العالمية وسفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة “أنجيلينا جولي” حوارا نشرته “مجلة تايم” مع المخرجة البوسنية باسميلا زابانك، مخرجة فيلم “كو فاديس عايدة”، الذي يوثق دراميا لمجزرة سربينيتشا في البوسنة التي قتل فيها ما يقرب من ٨٠٠٠ رجل وشاب وتم دفنهم في مقابر جماعية في عام ١٩٩.
“أنجيلينا” لمعنية بقضايا الطفولة في العالم، حاولت تقديم جرعة معرفية عن الفيلم المرشح لجوائر الأوسكار، وكيف واجهت المخرجة صعوبات في تمويله وتصويره، حيث لم يرد أحد تمويل فيلم عن الإبادة الجماعية التي لا تزال تتعرض للإنكار.
والحوار الذي تم نشره في اليوم العالمي للمرأة واحتفالات عيد الأم – تبدأه “جولي” بمقدمة تقول فيها…
(كما هو الحال في دول العالم تحتفل البوسنة والهرسك أيضا بيوم المرأة العالمي وعيد الأم أيضا.. لكن المناسبة في البوسنة موجعة، حزينة لا يمكن الاحتفال فيها بالنسبة لكثير من النساء البوسنيات، وبالتحديد “أمهات سربرتيتشا”، الذين قتل أولادهن وأزواجهن وغيرهم من رجال العائلة، من بين أكثر من 8000 رجل وصبي في مذبحة عام 1995. فمعظم أمهات سربرنيتشا لم يعد لهن أقارب يكرموهن أو يعبرون لهن عن الحب في هذا اليوم، أو يجلبون زهور القرنفل التقليدية والهدايا ).
تتعرض جولي في مقدمة الحوار للوضع في البوسنة في بداية الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة، وتقول إن سربرنيتشا كانت “منطقة آمنة” كما حددت الأمم المتحدة، بقرار من مجلس الأمن عام 1993، في بدايات الحرب، حيث لجأ آلاف المسلمين البوسنيين المدنيين إلى قاعدة الأمم المتحدة في سربرنيتشا، واضعين أرواحهم في أمانة المجتمع الدولي. ولكن في يوليو 1995، اجتاحت القوات الصربية سربرنيتشا.. وفرقت العائلات بقوة السلاح .. طردت النساء عنوة وأعدم الرجال والصبية، وأخفيت جثثهم في مقابر جماعية، لتتكرس بشاعة المأساة.. فقدان جيل كامل من الآباء والأبناء والأزواج.
وموخرا قدمت المخرجة ياسميلا زابانك فيلمها عن تلك الأحداث ، Quo Vadis Aida والذي حاز إعجاب النقاد العالميين، وتم ترشيحه لجوائز الأوسكار.
ويحكي الفيلم القصة من خلال عيون امرأة بوسنية، هي عايدة التي تعمل مترجمة لقوات الأمم المتحدة في سربينتشا، وهي تكافح لإنقاذ زوجها وأطفالها – وشعبها – من العنف الوشيك.
وقد تحدثت أنجيلينا إلى باسميلا ، التي أخبرتها كيف ألهمتها أمهات سريبرينيتشا صناعة الفيلم، مشيرة إلى أنه لأكثر من عقدين من الزمن، لجأت هذه المجموعة من الناجيات إلى الاحتجاج السلمي، مدفوعات بقوة حب الأمهات، لإبقاء ذكرى رجالهن حية، والبحث عن أجسادهم والسعي لتحقيق العدالة.
“الحرب شكلتني”
عندما سألت “جولي” المخرجة، عن تأثير معايشتها لتفاصيل الحرب على حياتها وفنها، قالت باسميلا: “كان عمري وقتها 17 عامًا عندما بدأت الحرب. في البداية اعتقدت أنه من الرائع عدم وجود مدرسة، وتأجيل اختبار الرياضيات الخاص بي. كان من المثير أن كل شيء كان مقلوبًا. عندما بدأت عمليات القتل ، وعندما انقطعت الكهرباء ونفد الطعام، لم يعد الأمر ممتعًا. تغيرت الأولويات وبدأت أقدر الحياة بشكل مختلف وأقدر كل التفاصيل الصغيرة فيها”.
وتابعت: “لقد شكلتني الحرب كإنسانة وفنانة. فقد التحقت بأكاديمية الفنون وبدأت في صناعة الأفلام القصيرة ، على الرغم من عدم وجود معدات سينمائية لدينا تقريبًا. وكان فيلم التخرج الخاص بي فيلمًا وثائقيًا ، بعنوان أحذية مطاطية حمراء”Red Rubber Boots “، ويدور حول أم تبحث عن ابنها البالغ من العمر أربع سنوات وطفلها البالغ من العمر تسعة أشهر ، اللذين قُتلا ودُفنا في مقبرة جماعية. مثل هذه المواضيع، وهذا الألم والظلم هو الذي شكلني إلى الأبد”.
وعدنما سألتها جولي لماذا شعرت أن عليها أن تحكي قصة مذبحة سريبرينيتشا ردت بقولها.. لأن سريبرينيتشا مأساة عالمية لحضارتنا. وعلى الرغم من مرور 26 عامًا ، إلا أنها لا تزال تمثل صدمة كبيرة.
هل تخشى باسميلا ردود الأفعال على فيلمها الصعب؟! أبدا..
تقول مخرجة كو فاديس عايدة: ”كنا نعلم أن سريبرينيتشا لا تزال موضوعًا مؤلمًا للغاية حيث سيحاول بعض السياسيين استخدام فيلمنا لأغراضهم الخاصة – وخلق انقسام آخر بين الدول – لذلك كان علينا إخفاء حقيقة أننا كنا نصور حتى لا نثير أحدا”.
ولم يغب عن نجمة هوليوود أن تسأل عن التحديات والصعوبات التي واجهت المخرجة البوسنية لتقديم فيلمهاوعلى رأسها تمويل إنتاج الفيلم.. “كان أمرا صعبا”، ردت باسميلا، ” فقد قال لنا الجميع إن الناس لا يريدون مشاهدة فيلم عن الإبادة الجماعية. وبالنسبة لصانعة أفلام في البلقان، حيث لا تزال المجتمعات ذكورية للغاية، من الصعب أن تقدم علي خطوة كهذه. ولكن عندما تم عرض الفيلم للمرة الأولى فوجئت بالجمهور يبكي وسعدت لذلك. فمن الرائع أن ترى أن الجمهور يحب ويتفاعل مع الأفلام ذات الموضوعات الصعبة أيضًا.”
وتتذكر أنجيلينا جولي تجربتها في العمل مع منظمات الأمم المتحدة وتقول أنها لا تزال تعاني كلما تذكرت سريبرينيتشا. فالمأساة برأيها وقعت عندما اعتقد الناس أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المتمركزة هناك ستحميهم. ولكنهم فوجئوا بالاجتياح الذي لم تفعل إزاءه القوات الأممية شيئا.. وتسأل المخرجة البوسنية عن شعورها إزاء الأمم المتحدة، فترد بقوة: “إن الأمم المتحدة لا تزال متأثرة بالمصالح السياسية، التي لا علاقة لها بحقوق الإنسان، وهذا يجعل الأمم المتحدة في رأيي فاسدة بشكل منهجي. وأعتقد أن علينا أن نجعل الأمم المتحدة تخدم الناس وليس السياسيين. وآمل حقًا أن يساعد فيلمي في إثارة الأسئلة حول استقلالية قرارات الأمم المتحدة والحاجة إلى مزيد من التصميم العالمي لحماية حقوق الإنسان”.
جزء من رعب مجزرة سريبرينيتشا، بحسب باسيملا، يكمن في تلك النية المبيتة لقتل جميع الرجال والصبية العزل. “من الصعب تخيل خسارة كهذه.. قابلت نساء فقدن 40 فرداً من عائلاتهن: أبنائهن وأزواجهن ، إخوانهن، وأبناء عمومتهن، ثلاثة أجيال قد ولت. وتم محو الروابط مع الماضي والمستقبل. الخسارة لا تطاق، والجرح في قلوب الناجين لا يندمل”.
مع ذلك لا تخلو كارثة من وجه إيجابي، فواحدة من الأشياء المدهشة والملهمة التي خرجت من قلب هذا الرعب، فبحسب جولي، هي أمهات سريبرينيتشا، اللواتي ما زلن يحتفظن بذكرى أحبائهن حية نابضة في قلوبهن، ويبحثن بلا كلل عن رفاتهم، ويقمن بحملات سلمية من أجل العدالة . وهو ما يدفع المخرجة البوسنية للقول بأنها لا تستطيع أن تفهم كيف يتمتعن بهذه القوة المذهلة. “فما زالت الأمهات يبحثن عن رفات أبنائهن وأزواجهن. فلم يتم العثور على 1700 جثة حتى الآن”.
وتتذكر باسميلا جلوسها مع مجموعة من الأمهات، حيث أخبرتها إحداهن أنه بعد سنوات من البحث ، كل ما استطاعت أن تدفنه من ابنها هو عظام ساقه الصغيرة. كانت تلك الرفات هي كل ما استطاعت العثور عليه منه.
“بعض الأمهات يعشن فقط من أجل العثور على أحبتهن ودفنهن ! إنهن يعرفن أن جميع أقاربهن الآخرين قد ماتوا، وإذا لم يتم العثور عليهم، فلن يكون لأطفالهم حتى قبور يزورونها… أعلم أنه لا يوجد فيلم يمكنه توصيل مثل هذا القدر من الألم ، لكنني حاولت إظهار جزء صغير من هذه المأساة”، تحكي باسميلا. “ولطالما أذهلني مدى شجاعة الأمهات. لقد عدن إلى منازلهن التي عشن فيها، وغالبًا ما كن الوحيدات اللاتي بقين على قيد الحياة من أفراد أسرهن. وبقين .. يعتنين بالحدائق ويسعين إلى التعايش السلمي مع جيرانهن، ورغم كل ما حدث، لم يسعين للانتقام. فكل طاقاتهن موجهة نحو البحث عن الحقيقة والعدالة. هذه هي الطريقة الوحيدة لبناء سلام حقيقي. حتى بعد مثل هذه المأساة”.
وحول ما إذا كانت أمهات سربينتشا تعبيرا عن حالة خاصة، قالت المخرجة “أعتقد أن النساء يجدن دائمًا حلاً سحريا في المواقف المستحيلة. وتعتبر نساء من سريبرينيتشا منظمة فريدة من نوعها تشارك قيم العديد من المنظمات النسائية الأخرى، مثل “نساء بالسواد”، وهي منظمة صربية رائعة من النساء اللواتي يعملن بجد ضد الحرب.
أتمنى حقًا ترشيحهن لجائزة نوبل للسلام ، لأنهن قوة فريدة من صانعات السلام في العالم
في الختام قالت باسميلا لأنجيلينا جولي:”أعتقد أن الأفلام يمكن أن تغير العالم، حتى لو تغيرت أفكار شخص واحد وقرر عدم إيذاء الآخرين، فهذا إنجاز مهم”.
ربما كانت نجمة هوليوود تختلف مع المخرجة البوسنية، فبرصيد من الأفلام المهمة، وبعمل على الأرض في محاولة تخفيف وطأة الظروف الصعبة على الأطفال في الأماكن التعيسة من العالم، ومع أمومة لعدد من الأطفال المتبنين، الذين سيكرمون جولي ويقدمون لها الهدايا في عيد الأم، تستمر معاناة الكثير من الأمهات والأطفال حول العالم بانتظار العدالة ويعض زخور القرنفل الحمراء.

“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”

“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”

“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”

“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”

“أنجيلينا جولي” تحاور مخرجة “كو فاديس عايدة”
